سورة النحل - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10)}
الشراب ما يشرب، والشجر معروف. أي ينبت من الأمطار أشجارا وعروشا ونباتا. و{تُسِيمُونَ} ترعون إبلكم، يقال: سامت السائمة تسوم سوما أي رعت، فهي سائمة. والسوام والسائم بمعنى، وهو المال الراعي. وجمع السائم والسائمة سوائم. وأسمتها أنا أي أخرجتها إلى الرعي، فأنا مسيم وهى مسامة وسائمة. قال:
أولى لك ابن مسيمة الإجمال ***
وأصل السوم الابعاد في المرعى.
وقال الزجاج: أخذ من السومة وهى العلامة، أي أنها تؤثر في الأرض علامات برعيها، أو لأنها تعلم للإرسال في المرعى. قلت: والخيل المسومة تكون المرعية. وتكون المعلمة. وقوله: {مُسَوِّمِينَ} قال الأخفش تكون معلمين وتكون مرسلين، من قولك: سوم فيها الخيل أي أرسلها، ومنه السائمة، وإنما جاء بالياء والنون لان الخيل سومت وعليها ركبانها.


{يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)}
قوله تعالى: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ} قرأ أبو بكر عن عاصم {ننبت} بالنون على التعظيم. العامة بالياء على معنى ينبت الله لكم، يقال: ينبت الأرض وأنبتت بمعنى، ونبت البقل وأنبت بمعنى. وأنشد الفراء:
رأيت ذوى الحاجات حول بيوتهم *** قطينا بها حتى إذا أنبت البقل
أي نبت. وأنبته الله فهو منبوت، على غير قياس. وأنبت الغلام نبتت عانته. ونبت الشجر غرسه، يقال: نبت أجلك بين عينيك. ونبت الصبى تنبيتا ربيته. والمنبت موضع النبات، يقال: ما أحسن نابتة بنى فلان، أي ما ينبت عليه أموالهم وأولادهم. ونبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم نشء صغار. وإن بنى فلان لنابتة شر. والنوابت من الاحادث الأغمار. والنبيت حي من اليمن. والينبوت شجر، كله عن الجوهري. {وَالزَّيْتُونَ} جمع زيتونة. ويقال للشجرة نفسها: زيتونة، وللثمرة زيتونة. وقد مضى في سورة الأنعام حكم زكاة هذه الثمار فلا معنى للإعادة. {إِنَّ فِي ذلِكَ} الانزال والإنبات. {لَآيَةً} أي دلالة {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.


{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)}
قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ} أي للسكون والأعمال، كما قال: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}. {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ} أي مذللات لمعرفة الأوقات ونضج الثمار والزرع والاهتداء بالنجوم في الظلمات. وقرأ ابن عباس وابن عامر واهل الشام {والشمس والقمر والنجوم مسخرات}بالرفع على الابتداء والخبر. الباقون بالنصب عطفا على ما قبله. وقرأ حفص عن عاصم برفع {وَالنُّجُومُ}، {مُسَخَّراتٌ} خبره. وقرى {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ} بالنصب. عطفا على {الليل والنهار}، ورفع {والنجوم} على الابتداء. {مُسَخَّراتٌ} بالرفع، وهو خبر ابتداء محذوف، أي في مسخرات، وهى في قراءة من نصبها حال مؤكدة، كقوله: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً}. {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي عن الله ما نبههم عليه ووفقهم له.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8